עמוד:142

المدرسة . التقطت عدة أرغفة ورميتها بغضب على الرف . بعد عدة ساعات في الحرارة العالية التصقت ثيابي المغبرة بجسمي . على طريق عودتنا إلى البيت أمسك والدي ذراعي قبل أن نصل الباب وقال : " أنت الأول ?! هذا جيد ، لكن المخبز منجم ذهب . " وأطال الثرثرة من جديد عن الزبائن الذين يتسولون منه الخبز رغم أنه لا يحمل شهادة كبيرة . لماذا لم أتجرأ أن أقول له إني أكره المخبز ?! طبعا لاحظت أمي مزاجي المتعكر فورا وتحدثت طوال تناول العشاء عن الجيران الذين هنأوها بنجاحي . لكن أبي أراد أن تكون الكلمة الأخيرة له ، كما هي العادة ، وقال : " ما الذي يفهمه هؤلاء الموظفون الأغبياء من الحياة ? سيصير خبازا وانتهى . " ! لم أعد أطيق سماع صوته . تسللت إلى غرفتي من دون أن أقول لهم تصبحون على خير . لا أريد أن أصير خبازا ! أريد أن أسافر إلى الخارج و أصير صحافيا . نعم ، الآن عرفتها ، أريد أن أكون صحافيا ، هذه هي مهنتي ! أحلف بالله ، الآن ، الساعة التاسعة مساء ، يوم السبت الأول من حزيران ، بأنني لن أصير خبازا أبدا !!! 6 / 15 سألني أبي : " ما الداعي للمدرسة ? يوجد أكداس من المعلمين والمحامين . " فقلت له إني أريد أن أصبح صحافيا ، غير أنه سخر مني قائلا : "إنها مهنة الفاشلين ، الذين يقضون معظم النهار في المقهى وينشرون الأكاذيب ، " إنه لا يريد ابنا متسكعا مثل الصعاليك ، يحرف كلام الناس ويشيع عنهم الأكاذيب . 7 / 10 أبي يعمل في المخبز منذ ثلاثين سنة دون انقطاع . لم يتغيب إلا يوم زفافه ويوم عمادتي . حتى يوم تعميد أختي ليلى ظل يعمل في المخبز . يستيقظ كل يوم في الساعة الرابعة فجرا ويعمل حتى الخامسة مساء ، يوميا ، صيفا أم شتاء ، يستيقظ أبي في الرابعة صباحا ، دون منبه ، أتمنى أن أعرف كيف يفعل هذا ، فأنا لا أنهض من السرير قبل أن توقظني أمي ثلاث مرات . ومرة سألته ، فقال لي : " إذا استيقظت طوال ثلاثين سنة في الساعة الرابعة ، فإن هذه العادة تتغلغل حتى عظامك ، تستيقظ على صوت جرس داخلي أدق من أحسن الساعات السويسرية . " ربما كان راضيا بحياته هذه ، لكنها بالنسبة لي ليست حياة .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר