עמוד:86

في معظمه بالكروم والنباتات المزهرة المتسلقة ونبات سلطان الجبل ، كما كان أيضا المكان المفضل للطيور الطنانة والنحل ! وكانت حديقة المنزل العتيقة الطراز بالنسبة لي بمثابة فردوسي الخاص ، وفي ذلك المنزل قضيت أياما رائعة وسعيدة لكنها لم تدم طويلا ! فقد مر بي ربيع قصير حافل بصداح طيور أبو الحن الخلابة والطيور المقلدة ، ومر صيف ثري بفاكهته وأزهاره ، وخريف تمتزج فيه الحمرة بلون الذهب ... تتابعت تلك الفصول مجزلة عطاياها لطفلة شغوفة بالطبيعة مليئة بالسعادة والحبور ، ثم جاء شهر شباط المحزن الكئيب ومعه المرض الذي أغلق عيني وأذني دون أن يترك لي من الحواس والمقدرة على الشعور سوى ما لطفل حديثُ الولادة . لست أعلم متى تحققت من كوني مختلفة عن الآخرين لكنني عرفت ذلك فعلا قبل أن تجيء معلمتي ، فقد لاحظت أن أمي وأصدقائي لم يكونوا يستخدمون الإيماءات التي كنت استخدمها ، وكان والداي حزينين وفي حيرة من أمري ، وقد أرادا لي أن أتلقى تعليما لكنهما لم يكونا يعرفان السبيل إلى ذلك ، فقد كنا نعيش في موقع يبعد كثيرا عن أي مدرسة للمكفوفين أو الصم ، وبدا من غير المحتمل أن يأتي أي شخص إلى مثل هذه المدينة الصغيرة النائية " نوسكومبيا " لكي يتولى مهمة تعليم طفلة صماء عمياء مثلي . شيئا فشيئا اكتسبت التعود على الظلام والسكون اللذين سيطرا على حياتي سيطرة النجوم في السماء ونسيت كليا أن الأمر كان مختلفا تماما في الماضي ، وظلت الحال كذلك إلى أن حضرت معلمتي الآنسة " آن مانسفيلد سوليفان " في يوم كان أهم أيام حياتي . يومها أظهرت لي ودها واحتوتني بين ذراعيها كأنها تعرفني من قبل . في ذلك اليوم أعطتني دمية ، وبعد أن لعبت بها لبعض الوقت ، قامت بهدوء وأناة بتهجي كلمة " دمية " على يدي بطريقة أبجدية الأصابع ( لغة الإشارات (، وقد أثارني هذا اللعب بالأصابع ، وحاولت مرارا أن أقوم بذات ما قامت به معلمتي ... وكانت فرحتي عارمة حين نجحت بذلك فشعرت أني فخورة للغاية بنفسي ، فجريت نحو أمي ورفعت يدي وأديت الحركات المعبرة عن كلمة دمية . " ولم أكن في ذلك الوقت أعلم أنني أتهجى كلمة أو أن هناك شيئا اسمه " كلمات "، كنت

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר